وكالة مهر للأنباء- منتصر الجلي: عدد من التساؤلات الحرجة التي وقف أمامها العدو الإسرائيلي في المقدمة، ومن خلفه الإدارة الأمريكية، والدراسات البيوغرافية العسكرية، والإعلامية، لكل الطرفين دول المشرق قبل المغرب نفسه.
كان لابد من حسابات تعمل عليه القيادة الإيرانية بشكل يفاجئ العدو ويذهل الصديق، يعيد للكيان الإسرائيلي حجمه الحقيقي الذي وجد به خلال عقود من الخوف والرعب، ذلك الحجم الذي سعت قوىً إقليمية دولية وأمريكية بريطانية، سعودية مصرية أردنية مغربية خليجية إلى إظهاره بحجم البالون، إلى درجة لم يعد يرَ فيها كيان الاحتلال قدماه، ليصبح رعب المنطقة طيلة عقود بائسة، ذُلَّت خلالها الأنظمة، وسُحقت فيها الشعوب.
ذلك البالون الأمريكي العربي، شاءت الإرادة الإلهية وأحرار أهل الإسلام أن يعود لحجمه الطبيعي قزم صاغر، كحاله قبل عام 48، وحقيقة تمت المعادلة في 14من أبريل الجاري حين انطلقت الغارات الإيرانية على مُختلف الأسلحة المسيرة والصاروخية، على الأراض الفلسطينية المحتلة، هجمة إسلامية من الطراز الأول، تأديبية من الدرجة الرفيعة، صواريخ ومسيرات تدك تل أبيب والنقب وتلك المواقع العسكرية التي طالما قصفت غزة وقتلت الآلاف علىمدى ستة أشهر.
تلك المواقع والبنى العسكرية الاستعمارية التي أخذت الحق الفلسطيني ودنست الأقصى، وسحقت البشر، أذلت العرب، تحت لفافات التطبيع وشماعة الجيش الذي لا يقهر، تلك المواقع العسكرية الإسرائيلية الإجرامية على كافة تشكيلاتها وأغراضها تحت نيران الإسلام، تحرقها صواريخ ومسيرات تشهد بشهادة الإسلام وتؤمن بإيمان الأنبياء والأوصياء؛ راية هللت لها غزة وضحكت في ظل الرمق الأخير من إجرام العدو عليها.
إن القراءة للمشهد من زاوية الانتصارات فقد انتصرت غزة قبل كل شيء، وبلاد الإسلام، حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية صفعة تأديب خلال عملية "الوعد الصادق" الكبرى، بكل ما تفهمه لغة العالم من نوعية وحجم الهجوم.
في ساعات قليلة أخذ المشهد السياسي يتدحرج من غزة ومآسيها العظيمة إلى عُقرِ أراضي الاحتلال، معادلة ردع كان جانب العدو يرتقب حدوثها منذ أيام غقب استهدافه الإجرامي للقنصلية الإيرانية بدمشق، في حقيقة الأمر أيقن العدو حينها أن إيران لن تسكت وأخذ يدير أوراق الاحتمالات، فجاء الرد الإيراني فوق توقعاته ومالآته السياسية البائسة، التي في واقعها تدحرج لإسرائيل إلى الوراء ولعلها أمارات الزوال إن شاء الله تعالى.
في المقابل ومن حجم الضربة وصدى وقعها العالمي، كانت غزة واحدة من البديهيات التي وقف عندها خبراء العالم والمنطقة، والعديد من الخطوط الحمراء التي عمل الكيان العدو على تجاوزها تجاوزا هو نتيجة انعكاسات عديدة، في المنطقة، بدءً بالتطبيع العربي، والتنازل العلني عن أصالة القضية الفلسطينية وما تمثله من قضية عادلة مركزية للأمة الإسلامية وعالمنا الإسلامي، من قِبل حكام وزعامات الدول العربية ذات الولاء المطلق للنجمة الصهيونية وبقرة بنوا إسرائيل النتن ياهو؛ من خلال الصمت المخزٍ عما يفعله من إجرام ووحشية بحق الشعب الفلسطيني ومظلوميته العالمية، ناهيك عن التواطئ التجاري وفتح الجسر العربي الإسرائيلي، والتراجع عن المساندة للشعب الفلسطيني إلى درجة العجز الفعلي عن إدخال أبسط المساعدات إلى القطاع، والتآمر المصري والتحالف الأردني الصهيوني، وتطبيع بعض الدول، كلها مرحلة من التراكمات التي رسخت حالة الطاعة والتراجع العربي تحت مظلة المسميات المختلفة، دون وازع وطني أو قومي عروبي، كما رى العالم وسمع ذلك عن قومية وعروبة العرب التي اشتعلت لديهم خلال عدوانهم على اليمن في 26 مارس 2015م.
رقعة من البون الشاسع التي عمل العدو على حياكة مخططاتها في زوايا البلدان العربية،في تمهيد له لهذه المرحلة من استباحة للمنطقة والدول العربية المقاومة، في حالة من تخدير طويل الأمد للمواقف والقرارات العربية، في خضم هذا التدجين والولاء، نجد صدى الرد الإيراني الكبير على كيان العدو، تحركت المواقف وفتحت أبواق الإعلام العبري الخليجي وغيرها التابعة لمنظومة التطبيع، أهازيج التقليل والشتم وقلب المعادلة لصالح العدو، ظهر ذلك واضحا في حركة إعلامهم الأعمى وذبابهم الإلكتروني المقيت، حركة نفاقية صهيونية بامتياز.
نسوا مقامات التوحيد والمبادئ الجامعة لأبناء الإسلام ليظهروا إلى جانب البقرة الماسونية اليهودية، مشاعر أفاضوها على الكيان المجرم ليتها تجلت على جرائم الاحتلال بحق أبناء غزة.
إن المفاهيم العقيمة التي صنعها الحكام والقادة من خلال علماء السوء وسط أبناء الأمة في مختلفا الشعوب إلا المقاومة منها، جعلت منهم "عرائس ظل" يحركها العقل الإسرائيلي كيف شاء ومتى أراد، بعد خلق هالة الرعب الإسرائيلية، تحت ذائع توازنية مختلفة دجنت العقل العربي، وقبوله الإيدلوجي لأي تحرك أو موقف أمريكي غربي إسرائيلي تجاه البلدان العربية، دون أي ردة فعل قد تبدو أو تتجلى مناهضة للمشروع الصهيوني الذي من أجله جاء الاحتلال للمنطقة.
الحقيقة التي تحاول شعوب التطبيع نكرانها أو الذهاب بعيداً عنها تتجلى كل يوم تحت أوهام ليس لها واقع من الصحة، درَّب العدو العقول على القبول بها ونشرها في الوسط العام تحت مضامين ثقافية وعقائدية، مما صرف الفكر العربي إلَّا القليل منهم، عن حقيقة الصراع وأهدافه، من زرع أساليب الهيمنة تحت الغطاء، عبر القادة سواء شعر بذلك المواطن العربي أم لم يشعُر، فإنه دمية للسياسة الإسرائيلية، فإن بدت _العبارات عربية والجمل والمواقف_ التي يطلقونها عربية، فإن خلفا أهداف وغايات إسرائيلية أمريكية بحته كالشمس في رابعة النهار، فإن كانت سورة التوبة في القرآن الكريم قد عُرفت أنها الفاضحة أو الكاشفة، فإن غزة اليوم هي كاشفة العرب وفاضحتهم.
/انتهى/
تعليقك